لازلنا نذكر مقولة علمنا إياها المرحوم القائد عزيز بكير؛ ألا وهي أن الكشفية: متعة الفتى وفرصة القائد، وذلك باعتبار أن الكشفية حركة تستهدف تربية الفتية والشباب من ناحية، ويجد القادة فيها فرصتهم لممارسة القيادة، ونقل قيم التربية إلى الفتية والشباب الذين يتولون قيادتهم، والإحساس بلذة الوصول إلى تلك الغاية من خلال الأثر التربوي والقيمي الذي يتركونه في فتيانهم.
ولكن يبدو أن معايير الحياة التي تبدلت قد غيبت في طياتها قيما كثيرة، وأضفت على كثير من قيمنا المعنوية صبغات مادية، ولم تسلم الكشفية من تلك التغيرات، فتغير مضمون شعار أن الكشفية متعة الفتى وفرصة القائد؛ ليصبح لدى الكثيرين.. الكشفية هي: متعة القائد وفرصة القائد أيضا!!!!، مع تجاهل تام للفتية وحقوقهم، وأنهم هم أصحاب الحركة الحقيقيون وليس القادة.
فلم تعد القيادة في نظر الكثيرين رسالة مؤداة تستهدف الفتية، وتقدم لهم القدوة والنماذج الصالحة لتوجيه السلوك، بل أصبح هؤلاء القادة ينظرون للقيادة على أنها هدفا في حد ذاتها، ويجب على كل واحد منهم أن يستكمل كل جوانب تأهيله ويحصل على أعلى الشارات، حتى أصبح الكثيرون يحصلون عليها مدعاة للمباهاة فقط، ولا يمتد أثرها خارج نطاق حاملها، وأصبح منتهى أمل كثير من القيادات أن يتسللوا بشكل أو بآخر إلى سدة الهرم الكشفي في هياكله التنظيمية ومجالس إداراته، في محاولة مستميتة للحصول على أي مكاسب مادية أو معنوية أو سفرات خارجية، أو وجاهة اجتماعية قد تأتيهم من الحركة الكشفية.
وأصبحت هذه النماذج من القادة تتربع على مائدة أغلب الأنشطة الكشفية بشكل متكرر، حاجبة بذلك طوابير من القيادات الشابة التي تطمح إلى أن تجد لنفسها دورا أو حيزا من الوجود، أو طلبا لتعميق تجربتها القيادية وخبراتها العملية.
بل أكثر من ذلك أمعنوا في طلب الحوافز كشرط لاستمراريتهم وفاعليتهم في الحركة؛ بحجة أنها متطلبات الحياة، وأن وقت فراغهم له ثمن، ونسوا أو تناسوا أن الحركة تقوم في أساسها على العضوية التطوعية الاختيارية، فلم يجبرهم أحد على أن يكونوا قادة، ولا أن ينتموا إلى الحركة الكشفية من الأساس!!!!.
وعلى المستوى العربي والدولي، نجد أن هناك بعض من القادة أصبحوا ممثلين دائمين لبلدانهم، لا تتغير وجوههم، ولا تتبدل أدوارهم، فتجدهم في: لقاءات التنمية القيادية، وتجدهم في البرامج والأنشطة، وتجدهم في الملتقيات الإعلامية، وتجدهم في اللجان الفرعية، وتجدهم في المخيمات الكشفية، وتجدهم في الدراسات، فهم يلعبون كل الأدوار بلا منازع ماداموا جالسين على مقاعد القيادة في جمعياتهم، بل إننا نرى بعضهم يحضر نفس النشاط أكثر من مرة!!!!!.
والغريب في الأمر أن أغلب هؤلاء عندما يعودون إلى جمعياتهم بعد نهاية تلك الأنشطة؛ لا ينقلون ما تعلموه إلى القيادات التي تليهم أو من نظرائهم، بل يقف العلم والخبرة عندهم لا تتعداهم لسواهم، ولو نقل كل واحد منهم كلمة واحدة فقط مما تعلمه للآخرين؛ لأصبحت كشفيتنا بخير!!!، إن ما يحدث هو احتكار للمعرفة، وتكريس للتجربة في أشخاص محددين، وهذا ما يثير حفيظة الآخرين من القادة في أغلب الجمعيات من الذين حرموا أو لا تتح لهم فرص المشاركة في تلك الأنشطة.
أعزائي القادة.. إن الأمر يتطلب منكم الآن أن تولوا اهتماما أكبر ببرامج وأنشطة الفتية؛ والتي من خلال إنتشارها وتنميتها يمكن أن يمتد أثر القادة إلى الفتية، وبذلك نعيد للكشفية تلك الروح العالية التي كانت تتمتع بها عندما كانت متعة للفتى، وفرصة للقائد، دون أن يستأثر بتلك المتعة أو الفرصة طرف على حساب الطرف الآخر، مع تصحيح الفهم حول أن الكشفية في المطلق هي حركة للفتية والشباب.. تمارس بمساعدة وتوجيه القادة.
فإذا إقتنعت معى أخي القائد بهذا الرأي؛ فالمرجو منك أن تبادر الى إمساك قلمك؛ لتكمل الكلمات الناقصة في عنوان هذا المقال لتحقيق مقولة أن الكشفية هي......
- بقلم : هشام عبد السلام موسى