أهمية التواجد اليومي للكشفية في المجتمع



هل يرانا المجتمع؟؟، وكيف يرانا المجتمع؟؟؛ سؤالان يحلان مشكلة علاقة الكشفية بالمجتمع ومدى تأثيرها فيه، فكثيرا ما تعانى جمعياتنا الكشفية من التهميش، أو عدم نيل الرعاية والعناية الكافية من قبل المسؤولين، أو من قبل المجتمع، ويترك ذلك اثرا سلبيا وامتعاضا لدى المنتمين للحركة الكشفية، ولسان حال البعض يقول: نحن كذا، ونحن كذا، ونحن من يقوم بالخدمة العامة، ونحن أصحاب المبادرات، ونحن حركة عريقة عمرها 110 سنة، ونحن لدينا في أنشطتنا كل أنواع النشاط، ونحن أصحاب مدرسة الخلاء، ونحن .. ونحن.. ونحن..، ثم يأتي فريق لكرة القدم مكون من 11 لاعبا تسلط عليه الأضواء، ويحظى بالاهتمام والرعاية، ويصبح أبطاله نجوما على ساحة المجتمع، وضيوفا على موائده الإعلامية في الفضائيات والبرامج!!
وتظل المعضلة قائمة.. آلاف من الكشافين في كل مجتمع لا يحظون بالتفاتة من المجتمع لهم، وبضع نفر من لاعبي الكرة يحظون باهتمام المجتمع كله، ويمكنني القول بكل وضوح أن ذلك ليس بحال هو مشكلة الإعلام تجاهنا، فوظيفة الإعلام الحقيقية هي التعبير والاهتمام والعناية بكل ما يهم المجتمع.. فهل الكشفية تهم المجتمع؟؟ هل يرانا المجتمع أصلا؟؟ وكيف يرانا المجتمع؟؟..
كثيرا ما ألحظ أن الكشافة الأوروبية على سبيل المثال لا تعتني بشكل كبير بالجانب الإعلامي، وكل تركيزها على تربية الفرد الكشاف بطريقة صحيحة، فيكون هذا الكشاف هو وسيلة الإعلام المتنقلة داخل كل بيت، وبما يلمس المجتمع بشكل مباشر في أولادهم.
والحل في إشكاليتنا الكشفية في مجتمعاتنا العربية من وجهة نظري؛ هو إحداث معادل موضوعي لدى الإعلام لنثير شهيته للاهتمام بنا من خلال لفت نظر المجتمع ليكون أكثر اهتمام بنا، وعندها ستتحول بوصلة الإعلام تجاه الكشفية بشكل تلقائي لأن الكشفية حينئذ ستكون نقطة جاذبة، وهذا لن يحدث نظريا ولا عمليا إلا بطريقة واحدة، وهي التواجد اليومي للكشفية في المجتمع..
وهذا التواجد اليومي للكشفية في المجتمع هو على مستويين: أولهما هو سلوك الفرد عضو الكشافة سواء كان كشافا أو قائدا، وثانيهما هو ما يقدمه هؤلاء الأفراد للمجتمع من خدمات، فالمجتمع في حاجة أن يرى مدى التغير السلوكي الحادث على أفراد الكشافة من خلال انتمائهم للحركة الكشفية، وهذا أمر تضبطه بنود قانون الكشافة؛ من صدق، وإخلاص، ونفع للآخرين، ونظافة، وأدب، واقتصاد، وطاعة، وأخوة، ..إلخ، وعند ذلك سيلتفت المجتمع إلى صفات الكشاف على أنها سمات ثابتة لدى الكشافين، ولعل ذلك ما دعى المجتمع الأمريكي مثلا إلى تفضيل أحد المتقدمين لوظيفة عامة على الآخر لمجرد أنه قدم ضمن أوراق سيرته الذاتية ما يثبت أنه كان كشافا، فهذه ميزة تعني لصاحب العمل أن هذا الفرد هو شخص منضبط محافظ على النظام والوقت.. إلخ.
أما الشق الثاني وهو ما يقدمه هؤلاء الأفراد للمجتمع من خدمات، فهذا ما أصطلح على تسميته بالإعلام التطبيقي للكشفية في المجتمع، ولتحقيق ذلك نريد المجتمع أن يرانا ونحن ننفذ مشروعات لخدمة وتنمية المجتمع، نريد المجتمع أن يرى ملصقات‮ ‬تعلق‮ ‬في‮ ‬الشوارع‮ ‬والميادين‮ ‬العامة‮ ‬تبرز‮ ‬دور‮ ‬الكشفية‮ ‬في‮ ‬المجتمع، نريد المجتمع أن يرانا ونحن في ‬برامج‮ ‬تليفزيونية‮ حوارية حول الكشافة، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ‬ننظيم عروض‮ ‬ومهرجانات كشفية‮ في المدن والقرى، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ندعو‮ ‬الشخصيات‮ ‬العامة‮ ‬لحضور‮ حفلات ومناسبات كشفية‮ ‬ومشروعات‮ ‬كشفية‮ لخدمة وتنمية المجتمع، نريد المجتمع أن يسمعنا ونحن ضيوف برامج‮ ‬كشفية‮ ‬موجهة‮ ‬في‮ ‬الإذاعة، نريد المجتمع أن يرانا ونحن نقدم ‬ندوات‮ ‬حول‮ ‬موضوعات‮ ‬كشفية‮ توعوية ‬يدعي‮ ‬إليها‮ ‬عامة‮ ‬الجمهور، نريد المجتمع أن يرانا ونحن نقود حملات ضد الإدمان والتدخين والإصحاح البيئي، وحماية مصادر المياه من التلوث، نريد المجتمع أن يرانا ونحن نقدم حفلات إنشاد‮ ‬بعض‮ ‬الأغاني‮ ‬الكشفية‮ ‬الحماسية‮ ‬التي‮ ‬تعبر‮ ‬عن‮ ‬الروح الوطنية و‬الكشفية‮ ‬في‮ ‬الحفلات‮ ‬العامة بدلا من أغاني الإسفاف، نريد المجتمع أن يرانا ونحن نساهم‮ ‬في‮ ‬تشجير‮ ‬الشوارع‮ ‬والميادين‮ ‬والحدائق‮ ‬العامة، نريد المجتمع أن يرانا ونحن نزرع ‬الزهور‮ ‬في‮ ‬الأماكن‮ ‬العامة‮ ‬وتنظيم‮ ‬مهرجانات‮ ‬كشفية‮ ‬لها‮ مثل مهرجان الزهور، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ننتج عطرا مميزا باسم الكشافة، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ‬نقيم ‬مشروعات‮ ‬لتوفير‮ ‬الإنتاج‮ ‬الغذائي، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ‬ننظم‮ ‬مهرجانات‮ ‬للطهي‮ ‬الخلوي‮ ‬بين‮ ‬الفرق‮ ‬يدعى‮ ‬إليها‮ ‬عامة‮ ‬الجمهور‮، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ننتج‮ ‬بعض‮ ‬الأغذية‮ ‬المحفوظة‮ ‬تحمل‮ اسم‮ ‬الكشافة‮ وتباع بأسعار تنافسية، نريد المجتمع أن يرانا ونحن ننظم‮ ‬حملات‮ ‬لمكافحة‮ ‬التلوث و‬للنظافة‮ العامة، نريد المجتمع أن يرانا ونحن نتبني‮ ‬مشروع‮ ‬طلاء وإزالة المشوهات في الطرقات.‮ ‬
فالإعلام التطبيقي للحركة الكشفية يغني عن ألف مقال وخبر، إنه الصورة الحقيقية التي نأمل أن يرانا بها المجتمع، وإذا تحقق لنا ذلك؛ فلن نعد في حاجة لنتساءل: هل يرانا المجتمع؟؟، وكيف يرانا المجتمع؟؟، وإذا لم يتحقق لنا ذلك فلا نلومن إلا أنفسنا....

بقلم/ هشام عبد السلام موسى

إرسال تعليق

أحدث أقدم